المسيح ميلاد المحبة والسلام
قرداغ مجيد كندلان
" فلذلك يؤتيكم السيد نفسه آية . ها ان العذراء تحمل فتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " (اشعيا 7: 14 ) ، "وكان هذا كله ليتم ما قال الرب على لسان النبي : ها إن العذراء تحمل فتلد ابنا يسمونه عمانوئيل اي < الله معنا > " ( متى 1: 22 و 23 ) .
الانجيلي متى يكشف لنا نبوة وردت في العهد القديم ، نبوة اشعيا 770 ق.م ، وتدبير الله الذي الهم به انبياءه لكي يسجلونه في اوانه ، ليصبح شهادة أزلية من السماء بالواقع الذي نراه ونسمعه في الزمن لنؤمن ونصدق . فالانبياء لم ينطقوا إلا بما وضع الله في فمهم :" إذا لم تأت نبوة قط بإرادة بشر ، ولكن الروح القدس حمل بعض الناس على ان يتكلموا من قبل الله " (2بطرس 1: 21 ) . فالمرجع هنا ليس مجرد نبوة أو نبوات ، بل صوت الله ومشيئته المعلنة منذ الدهور . الاية هنا آيتان : الاولى : ها العذراء تحبل وتلد ، والثانية : ان يصير الله معنا . ان قبول العذراء الروح القدس فولد لها ولد على خلاف الطبيعة بدون رجل وكل ما قدمته العذراء هو كامل مشيئتها :" ليكن لي بحسب قولك"( لوقا1: 38 ) ،قبلت الدعوة بحسب مشيئة الله ، كطفل ارتضى أن ينام في حضن أبيه ، وكان لهذا الاذعان لمشيئة الله أن دخل الوعد الالهي حيز التنفيذ . أما هذا الذي قبلته العذراء مريم فهو ليس بالامر الهين . فالتقديس حدث فعلا في الرحم بحلول الروح الله القدوس ، ليصنع من العذراء القديسة حبلا الهيا مقدسا ونبوة اشعيا صارخة بهذا المعنى " الله معنا " . وبهذا صار ميلاد " بروحه القدوس " صنع له وجودا داخل الانسان ! وبهذا صار ميلاد يسوع المسيح ابن الله اقوى افتقاد افتقد الله البشرية ، وكان حتما وبالضرورة عهدا جديدا بين الله والانسان ، حيث يدخل الله كشريك حياة مع الانسان بوجود حي فعال لاينقطع ! هنا وبسبب دخول الروح القدس في عملية الحبل الالهي والولادة يتحتم ان ترتفع حادثة ميلاد يسوع المسيح الى مستوى " السر " في المسيحية . فبالنسبة لمريم فقد نالت إنعام الله وأعظم كرامة نالها بشر . وبالنسبة للبشرية فقد كتب لها عهد جديد مع الله ، فالذي ملأ الرحم البتولي هو آدم الجديد الذي من جسده ودمه أخذنا خلقتنا الجديدة كأبناء الله ، وورثنا فيه موطننا السماوي . إذا من الروح القدس ومن مريم العذراء القديسة وُلد ، قدوس بلا عيب ولا خطية ، فتأهل ان يحمل خطايا العالم كله ويمزقها على الصليب ليفدي المسكونة ويخلص بني الشقاء ، ويقوم في جسده بشرية جديدة لله . بولادة المسيح دخلت حياتنا في محبة وسلام حيث لازال يقول لنا :" سمعتم أنه قيل : العين بالعين والسن بالسن . أما انا فأقول لكم : لاتقاوموا الشرير . وسمعتم أنه قيل: أحب قريبك وأبغض عدوك . أما انا فأقول لكم أحبوا أعداءكم وصلوا من أجل مضطهديكم لتصيروا بني ابيكم الذي في السموات ، لانه يطلع شمسه على الاشرار والاخيار ، وينزل المطر على الابرار والفجار . فإن أحببتم من يحبكم ، فأي أجر لكم ؟ أوَليس العشارون يفعلون ذلك ؟ وإن سلمتم على إخوانكم وحدهم ، فأي زيادة فعلتم ؟ أوَليس الوثنيون يفعلون ذلك ؟ فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم السماوى كامل"
(متى 5: 38 و43-48 ) . نلاحظ ان المسيح لايقف عند محبة الاعداء بل يحرك القلب ايضا بالبركة للاعنين والصلاة من اجل المسيئين . وهل توجد وسيلة للانهاء على العداوة والاعداء إلا إما الحرب أو المحبة ؟ الحرب تزيدها لهيبا ، اما المحبة فهي النصرة بلا حرب . فإذا تحقق فعلا محبة الله تقدس كياننا وتقدس قلبنا وتقدست نفسنا وارادتنا ، فلما تتقدس هذه كلها يصبح الانسان أسير محبة الله ، تفيض فيه المحبة نحو الاخرين بلا جهد . ومحبة الاعداء لاتفيض من قلب غاش نجس أو قلب مكرس للدنيا أو المال أو الشهوات . لكي نبارك الذي يلعننا يلزم اولا ان نكون شركاء ذاك الذي قبل اللعنة على الصليب من أجلنا حاملا خطايانا في جسده على الخشبة ، فإن كنا قد قبلنا بفرح دعوة المسيح أن نحمل صليبنا ونتبعه وقد فهمنا وتحققنا من معنى "صليبنا" الذي نحمله ، يمكن أن نبارك الذي يلعننا لان الصليب الذي تحمله المسيح هو صليب اللعنة التي تحملها من اجلنا .
إذا ليس من فراغ ولا من قوة وتقوى فينا نبارك الذين يلعنوننا ، بل من نفس بركة المسيح التي فاضت علينا ونحن خطاة ، إذاٌ بركتنا للاعداء هي فائض قوة ونعمة الصليب تنفتح على الذين يحملونه بإمانة وشجاعة لخدمة الاخرين .
لقد طرح الله السلام على الارض يوم ولد المسيح في بيت لحم :"وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة "( لوقا2 : 13 و 14 ) . فكان المسيح رئيس السلام حقا:" لانه قد ولد لنا ولد واعطي لنا ابن فصارت الرئاسة على كتفه ودعي اسمه عجيبا مشيرا إلها جبارا ، أبا الابد ، رئيس السلام " ( أشعيا 9: 5 ) ، ويقول الرسول بولس :" فإنه سلامنا ..." ( أفسس2: 14 ) . وأول عمل استلمه تلاميذ الرب ليكرزوا به وعلى أساسه هو السلام :" والكلمة الذي أرسله إلى بني إسرائيل مبشرا بالسلام عن يد يسوع المسيح " (اعمال10: 6 ) ، " وإذا دخلتم البيت فسلموا عليه . فإن كان هذا البيت أهلا ، فليحل سلامكم فيه ، وإن لم يكن اهلا ، فليعد سلامكم إليكم." ( متى 10: 12 و 13 ) .
واضح أن وظيفة المسيح الاساسية هي تأسيس سلام دائم بين الله والانسان . فالسلام في العالم لايوجد إلا مع أبناء السلام الذين سكن السلام في قلوبهم ، على ان صناعة السلام تحتاج الى رصيد عال جدا من المحبة والصبر والبذل لتطويع القلوب القاسية للخضوع الى بساطة سلام الله الذي يفوق العقل . لذلك فإن المسيح أعطى لصانعي السلام هبة وقوة أن يصيروا " أبناء الله يدعون " .
ان اصعب الاضطهادات التي عانى منها المسيحيون في عراقنا الغالي أتت بسبب الغيرة والحسد والحقد على الساعين في اثر سلام المسيح . الارهاب لايطيق سلام المسيح ولايحتمل المناداة به :" إذا أضطهدوني فسيضطهدونكم أيضا "(يوحنا15: 20)،
" ويبغضكم جميع الناس من اجل اسمي . والذي يثبت الى النهاية فذاك الذي يخلص "( متى 10: 22 ) ، " وستسلمون عندئذ الى الضيق وتقتلون ، ويبغضكم جميع الوثنيين من اجل اسمي " (متى24: 9 ) ، " والذي يثبت الى النهاية فذاك الذي يخلص" ( متى24: 13 ).
السيد الرب نسجد امام بهاء مجدك ونفتح ذراعينا ونتضرع ونصلي من ان تضع السلام والامان والاستقرار في ربوع عراقنا الحبيب في هذا الميلاد المجيد ، ميلاد المجد والعظمة . نعم ايها الرب يسوع المسيح نصلي من القلب ان تحفظ هذه العوائل في ارض بلاد الرافدين ، ارض بابل ،العراق بدون استثناء مسيحيين ومسلمين وان تتنعم عليهم بحياة سلام ومحبة امين .
قرداغ مجيد كندلان
" فلذلك يؤتيكم السيد نفسه آية . ها ان العذراء تحمل فتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " (اشعيا 7: 14 ) ، "وكان هذا كله ليتم ما قال الرب على لسان النبي : ها إن العذراء تحمل فتلد ابنا يسمونه عمانوئيل اي < الله معنا > " ( متى 1: 22 و 23 ) .
الانجيلي متى يكشف لنا نبوة وردت في العهد القديم ، نبوة اشعيا 770 ق.م ، وتدبير الله الذي الهم به انبياءه لكي يسجلونه في اوانه ، ليصبح شهادة أزلية من السماء بالواقع الذي نراه ونسمعه في الزمن لنؤمن ونصدق . فالانبياء لم ينطقوا إلا بما وضع الله في فمهم :" إذا لم تأت نبوة قط بإرادة بشر ، ولكن الروح القدس حمل بعض الناس على ان يتكلموا من قبل الله " (2بطرس 1: 21 ) . فالمرجع هنا ليس مجرد نبوة أو نبوات ، بل صوت الله ومشيئته المعلنة منذ الدهور . الاية هنا آيتان : الاولى : ها العذراء تحبل وتلد ، والثانية : ان يصير الله معنا . ان قبول العذراء الروح القدس فولد لها ولد على خلاف الطبيعة بدون رجل وكل ما قدمته العذراء هو كامل مشيئتها :" ليكن لي بحسب قولك"( لوقا1: 38 ) ،قبلت الدعوة بحسب مشيئة الله ، كطفل ارتضى أن ينام في حضن أبيه ، وكان لهذا الاذعان لمشيئة الله أن دخل الوعد الالهي حيز التنفيذ . أما هذا الذي قبلته العذراء مريم فهو ليس بالامر الهين . فالتقديس حدث فعلا في الرحم بحلول الروح الله القدوس ، ليصنع من العذراء القديسة حبلا الهيا مقدسا ونبوة اشعيا صارخة بهذا المعنى " الله معنا " . وبهذا صار ميلاد " بروحه القدوس " صنع له وجودا داخل الانسان ! وبهذا صار ميلاد يسوع المسيح ابن الله اقوى افتقاد افتقد الله البشرية ، وكان حتما وبالضرورة عهدا جديدا بين الله والانسان ، حيث يدخل الله كشريك حياة مع الانسان بوجود حي فعال لاينقطع ! هنا وبسبب دخول الروح القدس في عملية الحبل الالهي والولادة يتحتم ان ترتفع حادثة ميلاد يسوع المسيح الى مستوى " السر " في المسيحية . فبالنسبة لمريم فقد نالت إنعام الله وأعظم كرامة نالها بشر . وبالنسبة للبشرية فقد كتب لها عهد جديد مع الله ، فالذي ملأ الرحم البتولي هو آدم الجديد الذي من جسده ودمه أخذنا خلقتنا الجديدة كأبناء الله ، وورثنا فيه موطننا السماوي . إذا من الروح القدس ومن مريم العذراء القديسة وُلد ، قدوس بلا عيب ولا خطية ، فتأهل ان يحمل خطايا العالم كله ويمزقها على الصليب ليفدي المسكونة ويخلص بني الشقاء ، ويقوم في جسده بشرية جديدة لله . بولادة المسيح دخلت حياتنا في محبة وسلام حيث لازال يقول لنا :" سمعتم أنه قيل : العين بالعين والسن بالسن . أما انا فأقول لكم : لاتقاوموا الشرير . وسمعتم أنه قيل: أحب قريبك وأبغض عدوك . أما انا فأقول لكم أحبوا أعداءكم وصلوا من أجل مضطهديكم لتصيروا بني ابيكم الذي في السموات ، لانه يطلع شمسه على الاشرار والاخيار ، وينزل المطر على الابرار والفجار . فإن أحببتم من يحبكم ، فأي أجر لكم ؟ أوَليس العشارون يفعلون ذلك ؟ وإن سلمتم على إخوانكم وحدهم ، فأي زيادة فعلتم ؟ أوَليس الوثنيون يفعلون ذلك ؟ فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم السماوى كامل"
(متى 5: 38 و43-48 ) . نلاحظ ان المسيح لايقف عند محبة الاعداء بل يحرك القلب ايضا بالبركة للاعنين والصلاة من اجل المسيئين . وهل توجد وسيلة للانهاء على العداوة والاعداء إلا إما الحرب أو المحبة ؟ الحرب تزيدها لهيبا ، اما المحبة فهي النصرة بلا حرب . فإذا تحقق فعلا محبة الله تقدس كياننا وتقدس قلبنا وتقدست نفسنا وارادتنا ، فلما تتقدس هذه كلها يصبح الانسان أسير محبة الله ، تفيض فيه المحبة نحو الاخرين بلا جهد . ومحبة الاعداء لاتفيض من قلب غاش نجس أو قلب مكرس للدنيا أو المال أو الشهوات . لكي نبارك الذي يلعننا يلزم اولا ان نكون شركاء ذاك الذي قبل اللعنة على الصليب من أجلنا حاملا خطايانا في جسده على الخشبة ، فإن كنا قد قبلنا بفرح دعوة المسيح أن نحمل صليبنا ونتبعه وقد فهمنا وتحققنا من معنى "صليبنا" الذي نحمله ، يمكن أن نبارك الذي يلعننا لان الصليب الذي تحمله المسيح هو صليب اللعنة التي تحملها من اجلنا .
إذا ليس من فراغ ولا من قوة وتقوى فينا نبارك الذين يلعنوننا ، بل من نفس بركة المسيح التي فاضت علينا ونحن خطاة ، إذاٌ بركتنا للاعداء هي فائض قوة ونعمة الصليب تنفتح على الذين يحملونه بإمانة وشجاعة لخدمة الاخرين .
لقد طرح الله السلام على الارض يوم ولد المسيح في بيت لحم :"وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة "( لوقا2 : 13 و 14 ) . فكان المسيح رئيس السلام حقا:" لانه قد ولد لنا ولد واعطي لنا ابن فصارت الرئاسة على كتفه ودعي اسمه عجيبا مشيرا إلها جبارا ، أبا الابد ، رئيس السلام " ( أشعيا 9: 5 ) ، ويقول الرسول بولس :" فإنه سلامنا ..." ( أفسس2: 14 ) . وأول عمل استلمه تلاميذ الرب ليكرزوا به وعلى أساسه هو السلام :" والكلمة الذي أرسله إلى بني إسرائيل مبشرا بالسلام عن يد يسوع المسيح " (اعمال10: 6 ) ، " وإذا دخلتم البيت فسلموا عليه . فإن كان هذا البيت أهلا ، فليحل سلامكم فيه ، وإن لم يكن اهلا ، فليعد سلامكم إليكم." ( متى 10: 12 و 13 ) .
واضح أن وظيفة المسيح الاساسية هي تأسيس سلام دائم بين الله والانسان . فالسلام في العالم لايوجد إلا مع أبناء السلام الذين سكن السلام في قلوبهم ، على ان صناعة السلام تحتاج الى رصيد عال جدا من المحبة والصبر والبذل لتطويع القلوب القاسية للخضوع الى بساطة سلام الله الذي يفوق العقل . لذلك فإن المسيح أعطى لصانعي السلام هبة وقوة أن يصيروا " أبناء الله يدعون " .
ان اصعب الاضطهادات التي عانى منها المسيحيون في عراقنا الغالي أتت بسبب الغيرة والحسد والحقد على الساعين في اثر سلام المسيح . الارهاب لايطيق سلام المسيح ولايحتمل المناداة به :" إذا أضطهدوني فسيضطهدونكم أيضا "(يوحنا15: 20)،
" ويبغضكم جميع الناس من اجل اسمي . والذي يثبت الى النهاية فذاك الذي يخلص "( متى 10: 22 ) ، " وستسلمون عندئذ الى الضيق وتقتلون ، ويبغضكم جميع الوثنيين من اجل اسمي " (متى24: 9 ) ، " والذي يثبت الى النهاية فذاك الذي يخلص" ( متى24: 13 ).
السيد الرب نسجد امام بهاء مجدك ونفتح ذراعينا ونتضرع ونصلي من ان تضع السلام والامان والاستقرار في ربوع عراقنا الحبيب في هذا الميلاد المجيد ، ميلاد المجد والعظمة . نعم ايها الرب يسوع المسيح نصلي من القلب ان تحفظ هذه العوائل في ارض بلاد الرافدين ، ارض بابل ،العراق بدون استثناء مسيحيين ومسلمين وان تتنعم عليهم بحياة سلام ومحبة امين .